جامعة أكاديميون العالمية AIU :: منصة أكاديميون الثقافية تشارك اليوم العالمي للمرأة بلقاء (وقفات مع التحرير القرآني للنساء)

منصة أكاديميون الثقافية تشارك اليوم العالمي للمرأة بلقاء (وقفات مع التحرير القرآني للنساء)

الجمعة 11 مارس 2022

نظمت منصة أكاديميون الثقافية المنصة الغير ربحية التي تهتم بنشر المعرفة والعلوم من خلال سفراء وأعضاء ومستشاري المعهد، وعبر مجموعة متنوعة من المواد المقروءة والمسموعة والمرئية وبالتزامن مع يوم المرأة العالمي لقاءًا ثقافيًا جماهيريًا بعنوان (وقفات مع التحرير القرآني للنساء) قدمتها الدكتورة: نادية عبدالله الشرقاوي، دكتوراة في الدراسات الإسلامية ومختصة في مقارنة الأديان وكاتبة في الدراسات النسائية في الإسلام، وكان اللقاء يوم الثلاثاء 8 مارس 2022م الموافق 5/8/1443هـ مساءً عبر برنامج ZOOM، وأدار اللقاء  الدكتور مشعل بن ياسين المحلاوي وكيل  معهد أكاديميون العالمي، وبتنسيق الدكتورة سونيا مالكي سفيرة معهد أكاديميون.

تناول اللقاء عدة أوجه لعرض القرآن الكريم للمرأة وذكرها في الآيات الكريمة، ووضحت في بداية اللقاء الدكتورة الشرقاوي اختيار مفهوم التحرير نيابة عن المفاهيم الأخرى وعلى رأسها مفهوم التكريم الذي تكرر كثيرًا لدى المعاصرين في كتاباتهم عن المرأة المسلمة، وردًا على مفهوم المساواة الذي عرف انتشارًا واسعًا في الثقافة الغربية ويعود لأمر مهم وهو أن مفهوم التحرير أوسع من مفهوم التكريم بحيث يبقى مفهوم التكريم مفهومًا جزئيًا لا يبرز الصورة الحقيقية التي وضعها القرآن الكريم لتحرير الإنسان نساءً ورجالاً على حد سواء بدءًا من تحرير الإنسان إلى الاستعباد إلى تحرير العقول من قيود الشرك والجهل والفساد، والتي من أجلها جاءت الرسالة الخاتمة بتصحيح مسار التوحيد، ثم بينت أنه بالرغم من وجود العوائق الاجتماعية والثقافية والفكرية استطاعت النساء زمن النبوة أن يتحررن بتحرير القرآن للإنسان ويستفدن من المدرسة النبوية التي شكلت النموذج المثالي للتنزيل القرآني على أرض الواقع، فأظهرت الحرص الشديد على التعلم من المصدر الأول للمعرفة وهو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

كما أشارت الدكتورة الشرقاوي أننا اليوم وأمام الكثير من التحديات في حاجة ماسة إلى نفض الغبار عن تراثنا وفي حاجة ماسة للتعريف بالقيم التي رسخها القرآن الكريم وفعلها في أرض الواقع قدوتنا الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أننا في أمس الحاجة إلى التذكير بتحرير القرآن للنساء والتذكير بريادة النساء في هذه الفترة الذهبية خصوصًا بعد التراجع الملحوظ للدور الفعال للنساء في بناء المجتمع إبان عصور التراجع والجمود وتهميشهم بسبب عوامل متعددة أساسها التمثل الخاطئ لمجموعة من النصوص القرآنية وإساءة فهمها بسبب ما كرسه الموروث الثقافي من عادات وتقاليد اجتماعية، وبالتالي تكريس هذه الأوضاع السيئة التي باتت النساء اليوم يعيشنها حتى أنها لم تؤثر على وضع النساء فحسب بل على الأسرة والمجتمع كله، فالنقلة النوعية التي أحدثها الإسلام شكلت حركة اجتماعية وفكرية عميقة نحو بناء حضارة قائمة على الاعتدال والتوسط بين متطلبات الروح والمادة.

وأضافت الدكتورة الشرقاوي: عندما نطّلع على النصوص القرآنية وخصوصًا فيما يتعلق بموضوع المرأة نجد تميز القرآن في تناوله لهذا الموضوع حيث تعامل مع المرأة بإنصاف تمتعت فيظل مبادئه بالمرتبة ذاتها التي يتمتع بها الرجل، فلم يفرق بين الرجل والمرأة في الجنس بل أكد عدم التحايز بين الذكر والأنثى، قال تعال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، كما أشار القرآن إلى أن الرجل والمرأة جسد واحد متآلف فيما بينه، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) لا يمكن إذًا أن يستغني أحدهما عن الآخر.

وعرضت الدكتورة الشرقاوي للصور القرآنية التي عرضها عن النساء ومنها الأوضاع المتردية التي عاشتها المرأة في الجاهلية، وعرض القرآن الأوامر والنواهي بشأن عدة قضايا للنساء منه قوله تعالى: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) والقصد القرآني هو الحفاظ على كرامة النساء بغض النظر عن مرتبتهن الاجتماعية، ومثل ذلك في قوله تعالى: (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) فكره الرجال لنسائهم لم يذكر هنا من باب الافتراض بل هو أمر واقع في المجتمع الجاهلي كمسألة العضل، أو حرمان النساء من حقوقهن في الميراث، أو الرضاع، أو الحضانة أو غيرها.

كما أكدت الدكتورة الشرقاوي أن القرآن ذكر نماذج نسائية قل نظيرهن في التاريخ فكان بذكره لهن في إطار قصصي دور في تفعيل حقوق النساء في الواقع فنجده يذكر قصة زوجة فرعون، وقصة زوجة لوط، وزوجة نوح مغزًا عقديًا، فللمرأة حق اختيار الدين وعدم إكراهها على أن تدين بدين أهلها، وفي ذكر قصة الملكة بلقيس وحكمها لقومها واعتمادها مبدأ الشورى إشارة إلى حق المرأة في تقلد المهام السياسية، وفي قصة مريم أعطى القرآن للمرأة الحق في تولي المناصب الدينية في الوقت الذي كان فيه المجتمع يرفض ذلك ويحرمها من هذا الحق على أساس أن درجات التقرب من الله تعالى وفهم مراده سبحانه وتبليغ تعاليمه لا تكون إلا للذكر.

كما وضحت الدكتورة الشرقاوي أن القرآن الكريم بين أن للمرأة الحق في الدفاع عن نفسها وحماية بيتها وذلك يتضح في قصة المرأة في سورة المجادلة، كما أن التميز الذي وضعه الله عز وجل للنساء يكمن في تسمية سورة من سور القرآن الكريم بسورة النساء، وهذه السورة اشتملت على الأحكام الخاصة بالأسرة وتنظيم العلاقات الاجتماعية، ولما كانت مدرسة النبوة تجسيدًا للمنهج القرآني في تحرير النساء من قبضة الظلم والجهل أصبحت النساء في عصر الرسالة واعيات بهذا الوضع الجديد، فسعين بكل جهد لبناء مجتمع جديد يتحقق فيه إسعاد النوع الإنساني ذكرًا كان أو أنثى بتطبيق المبادئ السامية التي جاء بالإسلام من أجلها وانطلقن إلى جانب الرجل في عملية الإصلاح الاجتماعي والسياسي والفكري التي حملته الدعوة الإسلامية فأخذت النساء مكانهن الطبيعي فأصحبن جزءًا لا يتجزأ من هذا المجتمع، فأول شهيد في الإسلام امرأة وهي "سمية بنت الخياط"، ومنهن من ساندت الدعوة بمالها ودافعت عن العقيدة وكانت رمزًا لنصرة الإسلام وعلى رأسهن السيدة "خديجة بنت خويلد" المسلمة الأولى التي كانت مثالاً لاستقلال العقيدة، ومنهن من هاجرت إلى جانب إخوانها الرجال في هجرة الحبشة، ومنهن من بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهن من شاركت في الغزوات لتطبيب الجرحى، وإيقاد الحماسة في صدور الفرسان، ومنهن من روت الأحاديث وأخذ الرجال عنها.