جامعة أكاديميون العالمية AIU :: الأمسية الأسبوعية لمنصة أكاديميون الثقافية (ثقافة التسامح مع الآخر)

الأمسية الأسبوعية لمنصة أكاديميون الثقافية (ثقافة التسامح مع الآخر)

الخميس 11 نوفمبر 2021

تطلق منصة أكاديميون الثقافية المنصة الغير ربحية التي تهتم بنشر المعرفة والعلوم من خلال سفراء وأعضاء ومستشاري المعهد، وعبر مجموعة متنوعة من المواد المقروءة والمسموعة والمرئية أمسيات أسبوعية كل ثلاثاء مساءً لتسليط الضوء على مواضيع يهم المجتمع المعاصر في كافة المجالات، وتضم الأمسيات نخبة متميزة من المثقفين ورواد العلم في شتى المجالات، وأمسية هذا الثلاثاء 4/4/1443هـ الموافق 9/11/2021م بعنوان (ثقافة التسامح مع الآخر) التي ألقتها الدكتورة: مريم بنت صالح الغامدي عضو هيئة تدريس بجامعة طيبة قسم أصول التربية، والمدرب المعتمد من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، والمدرب المعتمد لجمعية أسرتي، وبدأت الأمسية عند الساعة التاسعة مساءً على تطبيق زووم، وقدم الأمسية الدكتور مشعل بن ياسين المحلاوي.

بدأت الدكتورة الغامدي الأمسية بالإشارة إلى أن موضوع ثقافة التسامح من المواضيع الشائكة، ومن القضايا المهمة حيث يعتبر الإنسان كائن اجتماعي لا يمكن أن يستغني عن أخيه الإنسان الآخر، لكن وللأسف في الآونة الأخيرة لوحظ انتشار ثقافة إقصاء الآخر، أو تهميشه، أو إلغائه، وهذا نتاج موروثات ثقافية وقد تكون أحيانًا سياسية، أثر بالتالي على المجتمعات وأظهرت ثقافة العنف والتعصب، وإقصاء الآخر، فالآخر قد يكون مختلف داخل الوطن، أو قد يكون مختلف خارج الوطن، وقد يكون مختلف على مستوى المذهب، وقد يكون مختلف في الجنس، واللغة، والحضارة.

وأوضحت الدكتورة الغامدي أن صورة الآخر تظهر بصورتين وهما: المختلف في الدين، والمختلف في المذهب، وبصفة عامة هناك ثلاث ركائز أساسية تنبني عليها العلاقة مع الاخرين:

الركيزة الأولى: الاختلاف، فلابد أن نثق أننا وجدنا مختلفين، فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) فالله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين بصور متعددة، ومن المفترض أن يكون هذا الاختلاف مدعاة للتفاعل، وللعطاء، وللتعاون، ولكن للأسف أصبح مدعاة للصراعات.

الركيزة الثانية: التنوع، فالتنوع سنة كونية فقد خلق الله الناس متنوعين في الألوان، والأشكال، واللغات، واللهجات، والأعراق، والأديان، والجناس؛ لحكمة وهو التعارف، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فالتعارف والتواصل يجعل الإنسان يصل لمرحلة من الاطلاع على الحضارات والثقافات الأخرى.

الركيزة الثالثة: التعايش، وهو محاولة إيجاد عدد من العلاقات الإيجابية مع الآخرين المختلفين، وقد تكون علاقات حيوية ومرنة وفعالة.

وأشارت الدكتورة الغامدي إلى أن العلاقة مع الآخر تعاني بعدد من الأزمات، كما أشارت إلى أن هناك إشكالية مذهبية في الوطن العربي والإسلامي، وبناء على هذا الواقع أصبح أصحاب المذاهب وأتباعهم أمامهم خيارات: إما أن يكون الغرض والإلزام بحيث أن كل مذهب يسعى إلى فرض مذهبه على الآخرين وإلزامهم بالتعبد؛ لأن كل مذهب يعتقد بأحقية مذهبه ويرى بأنه مكلف بنشر هذا المذهب، وهذا يعتبر إشكالية من الناحية الشرعية، والخيار الثاني: أن العداء والصراع الذي أصبح المسلمين حاليًا يرفلوا فيه، فكل صاحب مذهب يتحصن بمذهبه ويبدأ بتعبئة أفرادهم تجاه المذهب الآخر، ويصبح هناك حالة من التشنج والعداء، والقطيعة، والتنافر، وصراع داخلي ينتهي أحيانًا في بعض إلى حرب أهلية، والخيار الثالث: التعايش، وهو الأفضل ولكن لازال هناك تباعد عن التعايش، إذ لابد لكل طرف ان يعترف بحق أصحاب المذهب الآخر بتمسكه بمعتقداته وممارسة شعائره الدينية؛ لأن الجميع يتعامل داخل الدولة كمواطنين، يتساوون في الحقوق والواجبات، والمؤسسات التعليمية قد أخفقت في تقليص الفجوة بين أتباع المذاهب وتحديدًا بين مذهبي السنة والشيعة؛ فالتعليم يعتبر بوابة الإصلاح لأي إشكالية في المجتمع، فيفترض إعادة صياغة السياسات التعليمية بحيث تعمل على نشر قيم التسامح، التعددية، الديمقراطية، الحرية، المساواة، حتى تشيع ثقافة التسامح مع الآخر داخل المجتمع.

وأكدت الدكتورة الغامدي أن بالمملكة العربية السعودية مذاهب متعددة ومختلفة وكلها مذاهب تعتبر إثراء للمجال الفقهي؛ لأنها تجمعهم أصول إسلامية واحدة ويختلفوا في الفروع والاجتهادات وهذه التعددية تحيا في كنف السعودية، فحرصت الحكومة الرشيدة إلى إيجاد نظام علاقات إيجابي يقوم على احترام هذا التنوع في ظل الوحدة الوطنية من أجل تقوية النسيج الاجتماعي، كما تطرقت الدكتورة لأنواع التسامح، ثم نبهت إلى بعض النصائح التي من شأنها نشر ثقافة التسامح مع الآخر في المجتمع؛ حتى ينعم العالم أجمع، والعالم العربي والإسلامي، والمجتمع المحلي السعودي بالتعايش بسلام ورخاء.